بعد التقدم الذي تحرزه «داعش» في العراق وسوريا والخطر الذي تشكله للولايات المتحدة، لم يعد السؤال الذي يواجه الولايات المتحدة وإيران ما إذا كان يجب العمل معاً، ولكن بالأحرى كيفية تنفيذ ذلك. وفي ضوء عقود من عدم الثقة والعداء، يمكن تسهيل الاتصالات بين الدولتين بصورة كبيرة عبر التوصل لاتفاق نووي شامل في المحادثات الجارية حالياً في فيينا. أما الفشل، من ناحية أخرى، فقد يخلف خيارات سيئة. وإذا كان يمكن السيطرة على «داعش»، فإنه سيتعين على الولايات المتحدة وغيرها من الدول إعادة النظر في السياسات السابقة وإدارة العداوات. وبالنسبة لإيران، فإن تفكك العراق وإقامة دولة إسلامية سُنية راديكالية في الجوار سيعتبر أمراً كارثياً. لذا ينبغي على القادة الإيرانيين حالياً اتخاذ قرار بشأن الانضمام إلى الشيعة العراقيين في الحرب الطائفية الدموية أو، إلى جانب استخدام القوة، العمل مع الآخرين لبناء عراق فيدرالي تقتسم فيه الجماعات العرقية مسؤوليات ومنافع الدولة. وفي سوريا، فإن الخيار بالنسبة لحكومة الأسد يتمثل في إما تحويل قوتها العسكرية ضد «داعش» أو مواصلة قتل أبناء الشعب السوري. وبالنسبة للغرب، فإن الأمر لا يعني أي شيء فيما يتعلق بدعم الحرب ضد الأسد، وكذلك حرب «داعش» إن الأسد شرير، لكنه بالطبع في هذه الحالة أقل شراً. ويبدو أن القيادة التركية قد قررت بالفعل دعم القيام بعمل عسكري كردي ضد «داعش»، حيث آثرت المخاطرة بإتاحة المزيد من الاستقلالية للأكراد نظراً لأن الحل البديل هو إقامة نظام إسلامي راديكالي على حدودها. وبالنسبة لإسرائيل أيضاً، يجب عليها أن تدرك أن هذا الاضطراب الإسلامي العنيف يتطلب منها إعادة النظر في أي القوى الأجنبية التي تمثل تهديداً أكثر خطورة لها. إن الولايات المتحدة وإيران تتقاسمان المصالح في العراق وأفغانستان، فشبكة المخابرات الإيرانية ونفوذها السياسي يعطونها دوراً بارزاً في كلتا الدولتين. وفي الوقت نفسه، فإن قوة الولايات المتحدة الجوية، وقواتها الخاصة، ومستشاريها العسكريين وتاريخها الحديث والتزامها بعدم فقدان الأرواح والأموال الأميركية المستثمرة في كل من البلدين، تؤكد أن لديها دوراً كبيراً للقيام به. وفي حين أن بعض المحادثات المباشرة، والتي تتم على مستوى منخفض حول العراق، قد حدثت بالفعل، فإنه ينبغي اتخاذ قرار بشأن المفاوضات النووية قبل أن تتفق الولايات المتحدة وإيران على القيام بمباحثات منتظمة حول هذه المسألة. ويجب أن تكون هذه المفاوضات حساسة تجاه ردود أفعال السُنة، ولا سيما في العراق ممن يكرهون إيران. ومن الواضح أن كلا من الجانبين يلتزم ببذل قصارى جهده للتوصل لاتفاق نووي بحلول اليوم الأحد 20 يوليو الجاري، حيث إنه بالإمكان التوصل لاتفاق جيد. وعلى الرغم من توقعات العديد من المراقبين، فإن تقدماً ملحوظاً تم إحرازه. وقد لبت إيران بالفعل معظم مطالب الدول الست المشاركة في المفاوضات، ويعمل الجانبان على وضع إطار زمني عملي لإيران للامتثال للقيود المفروضة على برنامجها النووي تحت رقابة وضمانات استثنائية. لكن هناك تفاصيل ربما تقوض الاتفاق - فيما يتعلق بالحجم والنطاق النهائي لبرنامج إيران النووي السلمي، والتي لاتزال تنتظر حلاً. أما انهيار المباحثات – الذي لا يزال ممكنا - فقد يحيي شبح الصراع العسكري ويؤدي إلى انهيار التحالف العالمي الذي ساعد في جلب إيران إلى طاولة المفاوضات. ريان كروكر – سفير واشنطن السابق في العراق وأفغانستان وليام لويرس - سفير أميركا السابق في فنزويلا وتشيكوسلوفاكيا توماس بيكرينج – وكيل الخارجية الأميركية السابق للشئون السياسية ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»